ولكن لا حُجَّة في إجماع الصحابة، لأنهم عدلوا عما أمروا به ونهوا
عنه وتجبروا وتآمروا، وجعلوا الخلاف طريقا إلى أغراضهم حتى
جرى بينهم ما جرى من الفتن والحروب.
ومثل هؤلاء لا يجوز الاحتجاج بأقوالهم.
جوابه:
إن هذا يعتبر من سخافات النظام والرافضة، ويجب على المسلم
أن لا يلتفت لمثل هذه السخافات، حيث إنها تحط من قدر الصحابة،
فإن ذلك زندقة وإلحاد في الدين.
وكيف يقال فيهم مثل ذلك، والله عَزَّ وجَل قد عدلهم ورضي
عنهم، واختارهم لصحبة نبيه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
"إن اللَّه اختارني واختار لي أصحاباً وأصهاراً "؟!
الاعتراض الثاني: سلمنا معكم أن إجماع الصحابة على العمل
بالقياس حُجَّة، لكن لم ينقل إلينا أنهم أجمعوا على العمل بجميع
أنواع القياس، أو بنوع واحد معين منها، فما المانع من أن يكون
إجماعهم على القياس الأولى وهو: أن يكون الفرع أوْلى بالحكم من
الأصل، أو يكون إجماعهم على منصوص العلَّة، وهذان النوعان
ليسا محل النزاع، بل متفق على جريان القياس فيهما.
جوابه:
إن تخصيص ما أجمعوا عليه على هذين النوعين يحتاج إلى دليل
ولا دليل عندكم، وإذا لم يوجد دليل على التخصيص، فإن الأمر
بالقياس يبقى على العموم، فيثبت أنهم أجمعوا على العمل بجميع
أنواع القياس، وأنه لا فرق بينها، وهذا هو الظاهر من استقراء
حالهم في الخلاف والاستدلال.