فأمر عمر ابنه عبد اللَّه بأن يجيب سلمان فأخبره أنه لما أصبح ثوب أبيه

خلقاً فيه اثنتا عشرة رقعة، فقد تبرع بنصيبه من الثياب وضمه إلى

ثوب أبيه ليصنع منه ثوباً يصلي فيه بالناس الجمعة ويستقبل به الوفود.

ومن ذلك: قول عبيدة السلماني لعليّ: " رأيك مع الجماعة

أحب إلينا من رأيك لوحدك "، لما قال عليّ: " اجتمع رأي ورأي

عمر في أمهات الأولاد أن لا يبعن، وأنا الآن أرى بيعهن ".

ثم إن الصحابة - رضي اللَّه عنهم - اعتادوا على حرية الرأي،

فلا يضيق أحد منهم برأي الآخر مهما كان مركزه أو سلطانه بدليل:

أن رجلاً جاء إلى أمير المؤمنين عمر فساله عن حكم مسألة فأحاله إلى

عليّ وزيد فأفتياه، ثم رأى عمر الرجل صاحب المسألة، فسأله عن

قضاء عليّ وزيد فأخبره، فقال عمر: " لو كنت أنا لقضيت بكذا "

فقال الرجل: فما يمنعك والأمر إليك؛ قال عمر: " لو كنت أردك

إلى كتاب الله أو سُنَّة نبيه لفعلت، ولكني أردك إلى رأي والرأي

مشترك ".

وأما قول ابن عباس: " لقد هبته وكان واللهِ مهيبا "، فإنه يجاب

عنه: بأن الأمر أمر اجتهاد، ولو كان لدى ابن عباس دليل على

مذهبه من الكتاب والسُّنَّة يؤكد ذلك المذهب لأعلنه، ولكنه الرأي.

أما الوجه الرابع - وهو: أن المجمع عليه بين الصحابة حُجَّة يجب

العمل به - فهو صحيح لا ينبغي لعاقل أن يتردد فيه - وقد سبق

الاستدلال على ذلك في باب الإجماع.

ما اعترض به على هذا الوجه - وهو الوجه الرابع -:

الاعتراض الأول: سلمنا أن سكوتهم عن موافقة وعن رضا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015