جوابه:
أن سكوتهم المستمر - بعد مدة تكفي للنظر - دليل واضح على أن
هذا السكوت عن رضا وموافقة واقتناع.
الاعتراض الثالث: أنه لا مانع من أن يكون سكوتهم عن إنكار
القياس ناتج عن خوف، لأن القائل بالقياس هم: أبو بكر،
وعمر، وعلي، وعثمان، وابن عباس، وابن عمر، وزيد، ومعاذ
من أصحاب الدولة والسلطان ومن حولهم وحواشيهم وجلسائهم،
فهؤلاء معهم الرغبة والرهبة، فشاع ذلك في الدهماء، وانقادت
لهم العوام، فإنه يجوز للباقين السكوت تقية، أو لعلمهم أن
إنكارهم غير مقبول، وكيف يقال: إن الخوف زائل وقد قال ابن
عباس في مسألة العول - يقصد عمر -: " هبته وكان والله مهيبا "؟!
جوابه:
إن هذا طعن قبيح في حق الصحابة - رضي اللَّه عنهم - وجهل
بما كانوا عليه من الصلابة في الدين، بدليل الاستقراء والتتبع لجميع
الوقائع التاريخية المستفيضة، حيث إنها تؤكد أن جميع الصحابة لا
تأخذهم في اللَّه لومة لائم، وأنهم لا يمكن أن يروا منكراً ويسكتوا
عنه، ومن تلك الوقائع: ما ذكرناه من استدراكات بعض الصحابة
على بعض، ومخالفة بعضهم لبعض.
ومن ذلك: خبر المرأة التي راجعت أمير المؤمنين عمر بن الخطاب
في مسألة تحديد المهر حتى عدل عن رأيه إلى رأيها وقال: " أصابت
امرأة وأخطا عمر ".
ومن ذلك: ما قاله سلمان الفارسي لعمر بن الخطاب:
" لا سمع لك علينا ولا طاعة حتى تخبرنا من أين لك هذا الثوب؟ "،