لأنه لا يؤلي النسخ، ولا يحتمل التأويل بخلاف النص من الكتاب

والسُّنَّة، فإنه يقبل النسخ والتأويل، وما لا يقبل يُقدم على ما يقبل.

لذلك قال فخر الدين الرازي: " الإجماع هو الذي يعول عليه

جمهور الأصوليين " - أي: في حجية القياس -.

وقال الآمدي: " الإجماع أقوى الحجج في هذه المسألة ".

وقال أكثر العلماء: إن إجماع الصحابة على العمل بالقياس يعد

أقوى الأدلة على ثبوت حجيته ووجوب العمل به.

وتقرير إجماع الصحابة على حجية القياس هو أن يقال: أجمع

الصحابة - رضي اللَّه عنهم - على إثبات الأحكام بالقياس وعلى أنه

يعمل به، وما أجمع عليه الصحابة فهو حق، فالعمل بالقياس حق.

وسأبين ذلك بوجوه أربعة:

الوجه الأول: أنه ثبت عن جمع كثير من الصحابة - رضي الله

عنهم - القول بالقياس والعمل به في الوقائع التي لا نص فيها،

فقاموا بإلحاق المثل بالمثل بسبب جامع، والعادة تقتضي بأن اجتماع

جمع كثير من الصحابة على العمل بالشيء لا يكون إلا بقاطع دال

على العمل به.

الوجه الثاني: أنه قد تكرر عمل أكثر الصحابة بالقياس عند عدم

النص وشاع وذاع، ولم ينكر ذلك أحد.

الوجه الثالث: أنه لما لم ينكر بعض الصحابة على الآخرين قولهم

بالقياس واستدلالهم به، فإن القول به يكون مجمعا عليه بين

الصحابة، وهذا الإجماع صحيح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015