المبحث الثالث هل القياس حُجَّة؛ أي: هل يجوز التعبد بالقياس
ويكون دليلاً من الأدلة على إثبات الأحكام أو لا؟
لقد اختلف العلماء في ذلك على مذاهب كثيرة، فبعضهم قال:
يجوز عقلاً، ويجوز شرعا، وبعضهم قال: يجب عقلاً، ويجوز
شرعا، وبعضهم قال: يجب عقلاً وشرعا، وبعضهم قال: يجوز
عقلاً ولا يجوز شرعا، وبعضهم قال: لا يجوز عقلاً ولا شرعا،
وقد بينت ذلك ببعض التفصيل في كتابي " إتحاف ذوي البصائر بشرح
روضة الناظر " إلا أن هذه الأقوال والمذاهب وإن كثرت ترجِع إلى
مذهبين هما " أن القياس حُجَّة "، و " أن القياس ليس بحُجة "،
وإليك بيانهما:
المذهب الأول: أن القياس حُجَّة، أي: يجوز التعبد بالقياس
عقلاً وشرعا، أي: أن القياس دليل من الأدلة الشرعية المعتبرة
لإثبات أحكام شرعية.
وهو مذهب جمهور العلماء من السلف والخلف، وهو الحق
عندي؛ للأدلة التالية:
الدليل الأول: إجماع الصحابة السكوتي على أن القياس يُعتبر
دليلاً من الأدلة الشرعية.
والاستدلال بالإجماع أقوى من الاستدلال بالكتاب والسُّنَّة هنا؛