تقربوا الصلاة، فلولا أن الغسل يجزئ عن الوضوء لم يكن
للمغتسل أن يقرب الصلاة.
النوع الرابع: مفهوم العدد:
إذا خصص الحكم بعدد معين وقيد به، فهل يدل هذا على نفي
ذلك الحكم عن غير ذلك العدد، سواء كان ذلك الغير زائداً عليه أو
ناقصاً عنه أو لا؟
اختلف في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أن مفهوم العدد حُجَّة.
أي: أن تقييد الحكم بعدد مخصوص يدل على نفي ذلك الحكم
فيما عدا ذلك العدد، سواء كان زائداً أو ناقصا.
وهو مذهب أكثر القائلين بمفهوم المخالفة، وهو اختيار بعض
الحنفية، وداود الظاهري، وبعض الشافعية، وعلى رأسهم الإمام
الشافعي.
وهو الحق عندي لكن بشرط وهو: أن لا يكون قد قصد بالعدد
التكثير أو المبالغة نحو قولك: " جئتك ألف مرة ولم أجدك ".
والأدلة على حجية مفهوم العدد هي كما يلي:
الدليل الأول: أن قتادة - رضي اللَّه عنه - قال:
لما نزل قوله تعالى: (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ) ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
"قد خيرني ربي فواللهِ لأزيدن على السبعين "، ففهم النبي - صلى الله عليه وسلم - من الآية أن نفي المغفرة مقيد بالسبعين، فإذا زاد العدد عن السبعين فقد انتفى الحكم - وهو عدم المغفرة - رجاء أن يبدله بحكم آخر وهو المغفرة، ولذلك قال:
لأزيدن على السبعين فيكون تخصيص الحكم بعدد "، على نفي
الحكم عن غير هذا العدد المعين.