(فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) ،
وقوله: (وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ)
ليس كلاماً تاماً، ولا يستقل بنفسه؛ لأنه لو ابتدأ قائلاً: " حتى
تنكح زوجاً غيره "، و " حتى يطهرن "، وسكت، لم يحسن
السكوت عليه، ولا يصح ذلك حتى يتعلق بما قبله، وهو قوله:
(فلا تحل له) ، وقوله: (ولا تقربوهن) .
إذن: لا بد فيه من إضمار، وذلك الإضمار إما ضد ما قبله أو
غيره.
أما الثاني - وهو: أن يضمر غير الضد - فهو باطل؛ لأنه ليس
في الكلام ما يدل عليه عيناً.
فتعيَّن الأول - وهو: "إضمار الضد - فيكون تقدير الكلام في
المثال الأول: " فلا تقربوهن حتى يطهرن فاقربوهن "، وتقدير
الكلام في المثال الثاني: " حتى تنكح زوجا غيره فتحل له "، فإذا
ثبت ذلك في هذه الصورة ثبت في غيرها لعدم القائل بالفرق.
الدليل الثاني: أن ما بعد الغاية يقبح الاستفهام عنه، فلو قال
السيد لعبده: " لا تعط زيداً درهما حتى يقوم "، و " اضرب عمراً
حتى يتوب "، فإنه يقبح من العبد أن يسأل ويقول: إذا قام هل
أعطيه درهما؛ وإذا تاب هل أضربه؟
وسبب هذا القبح هو: أن الجواب قد فهم بدون ذلك، فالسؤال يكون تحصيل حاصل، فلو لم يفهما لما قبح الاستفهام عنهما.
الدليل الثالث: أن غاية الشيء: نهايته، ونهاية الشيء:
منقطعه، ومعروف أن الشيء إذا انقطع وانتهى صار خاصا بحكم،
وصار ما بعده خاصا بحكم آخر، وهو ضده، وإن لم يكن ضده
لم يتحقق مفهوم الغاية، ففي الأمثلة السابقة: ضد تحريم الزوجة