جوابه:

أن مفهوم الموافقة لم يحسن الاستفهام فيه؛ لأن دلالته قطعية،

أما مفهوم الصفة فدلالته ظنية، لذلك حسن الاستفهام، فلا يلزم

من قبح الاستفهام في مفهوم الموافقة قبحه في مفهوم الصفة.

أما إذا كانت دلالة مفهوم الموافقة ظنية - كما قلنا فيما سبق - فإن

السؤال حسن للتأكيد، والتأكيد يكون لإزالة الاتساع في الفهم،

وهذا قلناه في باب العموم.

الدليل الثاني: أن المقيد بالصفة لو كان دالاً على نفي الحكم عما

عداه، فإما أن يعرف ذلك بالعقل، أو بالنقل، وهما باطلان.

بيان ذلك:

أنه إن زُعم أن ذلك معروف بالعقل فهو باطل؛ لأن العقل لا

مدخل له في اللغات.

وإن زعم أن ذلك معروف بالنقل فهو باطل أيضاً - لأن النقل

قسمان: " متواتر "، و " آحاد ":

فإن زُعم أن ذلك معروف بالمتواتر فهذا باطل؛ لأنه لو كان

معروفاً بذلك، لاشترك الناس في علمه، ومنهم المخالف؛ نظراً

لاشتراكهم في أسباب العلم كسلامة الحاسة، ومخالطة أهل اللغة،

والاقتباس منهم، ولكنه لم يعلم بذلك، فبطل أن يكون معلوما من

جهة التواتر.

وإن زعم أن ذلك معروف بالآحاد، فعلى تقدير صحته وسلامته

عن المعارض، فإنه غير كاف؛ لأنه لا يفيد إلا الظن، والظن لا

يقوى على إثبات قاعدة أصولية كمفهوم الصفة، أي: لا يمكن

إثبات مثل هذا الأصل الذي نزل عليه كلام اللَّه، وكلام رسوله بما لا

يفيد إلا الظن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015