الدليل السابع: أن العربي لو قال لوكيله: " اشتر لي حصانا
أسود " لفهم منه: عدم شراء الأبيض، ولو أنه اشترى أبيض لم
يكن ممثلاً، ولو قال لزوجاته: " الداخلة منكن لهذه الغرفة طالق "
لطلقت كل واحدة تدخل هذه الغرفة، وفهم منه انتفاء الطلاق عند
عدم الدخول.
المذهب الثاني: أنه لا يدل على النفي، أي: أن مفهوم الصفة
ليس بحُجَّة.
فإذا علق الحكم على صفة، فإن هذا لا يدل على نفي ذلك
الحكم إذا انتفت تلك الصفة، وهو مذهب أبي حنيفة، وأتباعه.
وهو اختيار بعض الشافعية كفخر الدين الرازي، والآمدي، وابن
شريح، وبعض المالكية كأبي بكر الباقلاني، وأكثر المعتزلة، وبعض
أهل العربية كالأخفش.
أدلة هذا المذهب: -
الدليل الأول: أن المقيَّد بالصفة لو دلَّ على نفي الحكم عما عدا
الموصوف بها: لما حسن الاستفهام عن الحكم فيه لا نفيا ولا إثباتا
كما هو الواقع في مفهوم الموافقة، حيث إنه في مفهوم الموافقة لا
يحسن الاستفهام فيه، فمثلاً لو قال السيد لعبده: " لا تقل لزيد
أف " لا يحسن من العبد أن يسأل ويقول: هل أضربه؟
ولكنه في مفهوم الصفة - وهو من مفهوم المخالفة - يحسن فإنه
لما قال - صلى الله عليه وسلم -: "في الغنم السائمة زكاة" حسن أن يقال: هل في المعلوفة زكاة أو لا؟
فهو إذاً غير دال على الحكم فيه لا نفيا ولا إثباتا.