ثانيهما: ليعلم الناس أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يأت بشيء من عنده، بل إن كل ما جاء به من القرآن والسُّنَّة هو من عند اللَّه وحده، قال
تعالى: (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ) ، ولذلك
كان يتوقف عن جواب بعض الأسئلة حتى ينزل به وحي.
الدليل الرأبع: أن الحكم جواب، والواقعة والحادثة سؤال، ومن
شرط الجواب: أن يكون مطابقا للسؤال لا يزيد عنه ولا ينقص، فلو
كان الجواب عاماً والسؤال خاصا لم يكن الجواب مطابقا للسؤال،
والأصل المطابقة؛ لكون الزيادة عديمة التأثير فيما يتعلق به غرض
السائل.
جوابه:
إن أردتم بمطابقة الجواب للسؤال: الكشف عنه، وبيان حكمه،
وأن يكون متناولاً له: فهذا نسلمه لكم، وقد وجد وحصل.
أما إن أردتم بمطابقة الجواب للسؤال: أن يكون مطابقا له تمام
المطابة: بدون زيادة بعض البيانات لغير ما سئل عنه: فلا نسلم؛
وذلك لأنه قد ثبت في الشريعة أن الشارع يسأل عن شيء فيجيب عنه
وعن غيره، كما ورد أنه - صلى الله عليه وسلم - لما سئل عن الوضوء بماء البحر قال:
" هو الطهور ماؤه الحل ميتته "،
فهنا قد تعرض لحل الميتة، ولم يكن مسؤولاً عنها.
بيان نوع الخلاف:
قد يبدو أن الخلاف - هنا - لفظي؛ لاتفاق أصحاب المذهبين
على أن أحكام اللعان، والظهار، والسرقة، والرجم، وغيرها مما
نزلت بسبب حوادث خاصة: هي عامة لمن نزلت بسببهم،
ولغيرهم، لكن أصحاب المذهب الأول - وهم الجمهور - قالوا: