ومصالح: فقد يدركها بعض العلماء، أو يدرك بعضها، وقد لا
يدركها فتكون تعبدية، فله سبحانه أن ينشئ التكليف في أي وقت
شاء؛ لعلمه سبحانه أن مصلحة العباد والبلاد تقتضي ذلك، قال
تعالى: (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ) .
الجواب الثاني: أن قولكم: " إنه ما أخر بيان الحكم إلى وقوع
الواقعة إلا لأن الحكم مختص بهذه الواقعة " يلزم منه: أن يختص
الرجم بماعز، واللعان بعويمر وزوجته، أو هلال وزوجته، والسرقة
بمن نزلت فيهم؛ لأن اللَّه أخر بيان تلك الأحكام إلى وقوع وقائعهم،
وذلك كله خلاف إجماع الصحابة، فيكون ظاهر البطلان.
الجواب الثالث: على فرض أن سؤالكم صحيح: فإنا نقول - في
الجواب عن ذلك -: إن اللَّه علم أن مصلحة العباد والبلاد تقتضي نزول
اَيات اللعان - مثلاً - في هذا الوقت، فأراد إيقاع واقعة لينزل الحكم
بشأنها، فأحدث واقعة عويمر مع زوجته، فأنزل آيات اللعان،
لتكون حكما له ولغيره ممن شابهه.
اعتراض على ذلك:
قال قائل - معترضا - لِمَ أحدث حادثة لأجل إنزال حكم اللعان،
ولِمَ لم ينزله ابتداء كغيره؟
جوابه:
إن اللَّه أحدث بعض الحوادث، وأنزل بشأنها أحكاما شرعية،
لأمرين:
أولهما: أن إنزال الحكم والجواب بعد حدوث الحادثة أوقع في
النفوس من إنزال الحكم ابتداء.