على أنها لا تدل على العموم فقط، ولا على الخصوص فقط، بل

تدل عليهما.

أي: أن هذه الصيغ عند التكلم بها يحسن الاستفهام من المتكلم

بها عما أراده منها، إذ يحسن أن يقال له: هل أردت بذلك البعض

أو الكل، وحسن الاستفهام دليل على أن تلك الصيغ يفهم منها

العموم، والخصوص، فتكون حقيقة في كل منهما، فلو كانت

للعموم فقط، أو للخصوص فقط: لما حسن الاستفهام.

جوابه:

لا نسلم أن حسن الاستفهام دليل على أن تلك الصيغ حقيقة في

الخصوص والعموم، بل إن الاستفهام إنما حسن هنا لإزالة اللبس،

ولأجل احتياط المستفهم من كلام المتكلم، فقد يكون المتكلم غير

متنبه، أو أن الصيغة يجوز أن تحمل على الخصوص مجازاً، فيزول

هذا اللبس بالاستفهام، وهذا الاستفهام أريد به التوكيد، ومعروف

أن فائدة التوكيد هي: رفع اللبس عن ذهن السامع، وإزالة الاتساع

في الفهم وحمل اللفظ.

وأيضا: فإن الاستفهام عن المراد ومن اللفظ لا يدل على ما ذكرتم؛

بدليل: أن من قال: " رأيت أسداً " يصح أن يقال له: أردت

الرجل الشجاع، أو الحيوان المفترس؛ ومع ذلك لا يمكن أن يقول

قائل: إن لفظ " الأسد " يستعمل حقيقة في الرجل الشجاع.

الدليل الثاني: أنه لا نزاع في أن اللفظ مستعمل في العموم تارة

كقوله تعالى: (ولله على الناس حج البيت) ، واستعمل في

الخصوص تارة أخرى كقوله تعالى: (الذين قال لهم الناس) ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015