والأصل في الاستعمال الحقيقة، فتكون تلك الصيغ حقيقة في
العموم والخصوص بالاشتراك اللفظي.
جوابه:
أن الأصل في الاستعمال الحقيقة محمول على ما إذا كان اللفظ
متردداً بين المعاني من غير أن يتبادر منه أحدها بخصوصه، وتلك
الصيغ ليست من هذا؛ حيث إن العموم يتبادر إلى الفهم عند
الإطلاق، فكانت حقيقة في العموم، مجازاً في الخصوص، وقلنا
ذلك؛ لأمرين:
أولهما: أن العموم هو المتبادر إلى الفهم.
ثانيهما: تخلصا من الاشتراك اللفظي؛ حيث إنه خلاف الأصل،
وقلنا بالمجاز - وإن كان خلاف الأصل - إلا أنه خير من الاشتراك
وأَوْلى منه كما سبق في الفصل الثامن - وهو تعارض ما يخل
بالفهم -.
المذهب الثالث: أن تلك الصيغ ليست حقيقة في العموم، وإنما
هي حقيقة في الخصوص، مجاز في العموم.
أي: أن تلك الصيغ يتبادر إلى الفهم منها الخصوص، ولا تحمل
على العموم إلا بقرينة.
وهو لبعض العلماء.
أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: أن دلالة تلك الصيغ على الخصوص متيقنة،
ودلالتها على العموم مشكوك فيها، وجعل اللفظ حقيقة في المتيقن
أوْلى، لعدم احتمال الخطأ.