لم ترد قرينة تدل على أني أدخل مع المأمورين، أو يقول: لا يوجد في
اللفظ دلالة ولا قرينة تدل على أني مراد معهم، إذن لا يلزمني
الامتثال.
وقال هذا الشخص ذلك؛ لأن اللفظ العام لا يدل على الصورة
الخاصة إلا بقرينة - على زعمكم - وهذا يبطل الشريعة كلها.
الجواب السادس: أنا لو قلنا: إن تلك الصيغ لا تفيد العموم إلا
بقرينة للزم من ذلك: أن لا يقدر أحد أن يأمر جماعة بأمر عام، ولا
ينهاهم بنهي عام، فمثلاً لو قال السيد لعبيده: " اخرجوا من هذه
الدار "، فخرج بعضهم دون بعض، فيلزم على زعمكم: أنه لا
يمكنه معاقبة الذين لم يمتثلوا الأمر؛ لأنه لم يبين قرينة تدل على أنه
يجب عليهم الخروج، بل يلزم - على زعم المعترض - أن يقول:
أنت يا فلان اخرج، وأنت يا فلان اخرج، وهكذا، حتى ينتهي
العدد، وهذا لا يمكن بل تستحيل الحياة مع ذلك.
فبان من هذا الأجوبة الستة: أن قول المعترض: " إن تلك الصيغ
لا تفيد العموم إلا بقرينة " ظاهر البطلان، وواضح الفساد.
المذهب الثاني: أنه لا صيغة للعموم معلومة، وتلك الصيغ ليست
لعموم ولا لخصوص، بل هي مشتركة بينهما اشتراكا لفظياً، أي:
أن الجمع المعرف بـ " أل " - مثلاً - يفهم منها معنيان: " العموم "،
و"الخصوص "، ولا يرجح أحدهما إلا بقرينة.
وهو مذهب محكي عن أبي الحسن الأشعري.
أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: حسن الاستفهام والاستفسار من السامع لها يدل