جوابه:
إن بعض الصحابة الذين فهموا من تلك الصيغ العموم وعملوا
على ذلك، لم ينكر عليهم الآخرون، إذ لو وجد إنكار لنقل،
ولكن لم ينقل إلينا شيء من ذلك، فكان إجماعاً سكوتياً.
الاعتراض الثاني: أنكم استدللتم بالإجماع السكوتي على أن تلك
الصيغ للعموم.
ولا نسلم لكم أن الإجماع السكوتي يصلح لأن يحتج به في إثبات
الأحكام.
جوابه:
يجاب عنه بجوابين:
الجواب الأول: أنا أثبتنا - في الباب الثالث فصل الإجماع -:
أن الإجماع السكوتي حُجَّة تثبت به القواعد الأصولية، والأحكام
الفرعية.
الجواب الثاني: سلمنا أن الإجماع السكوتي ليس بحُجَّة في
الشرعيات، لكنه حُجَّة في إثبات اللغويات؛ لأن الصحابة يعتبرون
من فصحاء العرب، وأعلم باللغة، واشتقاقاتها، واستعمالاتها،
وصيغها، وموضوعاتها من غيرهم.
الدليل الثاني: أن السيد لو أمر عبده وقال له: " من دخل داري
فأعطه درهماً " فأعطى العبد جميع الداخلين، فإنه يستحق المدح،
وإن أعطى الجميع إلا واحداً فإنه يستحق اللوم والذم، واستحقاقه
للمدح في الحالة الأولى، وللذم في الحالة الثانية دليل على أن "من "
الشرطية تفيد العموم.