الأولاد يرثون من آبائهم إلا أولاد الأنبياء، فإنهم لا يرثون أصلاً "،
ولم ينكر ذلك أي صحابي، فكان إجماعا.
ومنها: أنه لما نزل قوله تعالى: (لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)
قال عبد اللَّه بن أم مكتوم: " إني ضرير "، فنزل قوله
تعالى: (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ) ، ففهم عبد الله من الجمع المعرف بأل
وهو: (القاعدون) العموم لذلك ذهب، وقد وافقه الرسول - صلى الله عليه وسلم -، إذ لم ينكر عليه ذلك، بل سكت حتى نزل الاستثناء،
والاستثناء دليل على أن المستثنى منه عام.
ومنها: أن لبيد بن ربيعة لما قال - على مجمع من قريش -:
ألا كل شيء ما خلا اللَّه باطل ... ... ... ... ... ...
قال عثمان بن مظعون - رضي اللَّه عنه - وكان بين الحاضرين في
مكة -: " صدقت ".
ولما قال لبيد:
... ... ... ... ... وكل نعيم لا محالة زائل
قال عثمان: كذبت، نعيم الجنة لا يزول.
وجه الدلالة: أنه لو لم تكن " كل " الواردة في الشطر الثاني
- مفيدة للعموم لما صح هذا التكذيب، ولم ينكر ذلك أحد فكان
إجماعاً سكوتيا.
ما اعترض به على هذا الدليل:
الاعتراض الأول: أنه إن صح أن بعض الصحابة قد فهموا من
تلك الصيغ العموم، فإنه لم يصح من جميعهم، والحُجَّة في فهم
جميعهم، أما فهم بعضهم فلا حُجَّة فيه.