يفضي إليه، ويلزم للتخلص من هذا التناقض - أن يقال: إن النهي

يقتضي فساد المنهي عنه مطلقا.

والأمر يقتضي صلاح المأمور به.

المذهب الثاني: التفريق بين العبادات والمعاملات، بيانه:

أن النهي عن العبادات يقتضي فسادها.

أما النهي عن المعاملات فلا يقتضي فسادها.

وهذا مطلقا أي: سواء كان النهي عن الشيء لعينه كالزنا، أو

كان النهي عنه لغيره كالبيع عند النداء الثاني يوم الجمعة.

وهو مذهب بعض الشافعية كفخر الدين الرازي، وبعض المعتزلة

كأبي الحسين البصري، وهو اختيار بعض الفقهاء.

تنبيه: اختلف أصحاب هذا المذهب فيما بينهم هل النهي اقتضى

الفساد مطلقا من جهة اللغة أو الشرع؛ على أقوال:

القول الأول: إن النهي اقتضى الفساد من جهة اللغة.

القول الثاني: إن النهي اقتضى الفساد من جهة الشرع.

القول الثالث: إن النهي اقتضى الفساد من جهة المعنى، وهو

الصحيح عندي؛ لأن النهي يدل على قبح المنهي عنه وحظره، وهو

مضاد للمشروعية.

دليل هذا المذهب:

أن العبادة طاعة، والطاعة عبارة عما يوافق الأمر، والأمر والنهي

متضادان، فما يوافق الأمر قربة وطاعة، وارتكاب النهي معصية،

فلا يمكن أن يجتمعا في شيء واحد، بأن يكون هذا الشيء منهيا عنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015