مفسدة، وإذا كانت الأشياء المنهي عنها فيها مفاسد، فسيلحق الناس

منها ضرر، وإعدام الضرر مناسب عقلاً وشرعاً، ولا يمكن ذلك إلا

بقولنا: " إن النهي يقتضي الفساد مطلقا ".

الدليل الثاني: إجماع الصحابة - رضي اللَّه عنهم -؛ حيث إنهم

استدلوا على فساد العقود بالنهي عنها، ومن أمثلة ذلك:

أنهم استدلوا على فساد عقود الربا بالنهي الوارد في قوله عليه

الصلاة والسلام: " لا تبيعوا الذهب بالذهب، ولا الورق بالورق،

ولا البر بالبر ... "، واستدلوا على فساد نكاح المحرم في الحج

بالنهي عنه الوارد في قوله - صلى الله عليه وسلم -:

" لا ينكح المحرم ولا ينكح "،

وغير ذلك، فلو لم يكن النهي يقتضي الفساد لما استدلوا بتلك

النواهي على فساد الأمور المنهي عنها، ولم ينكر أحد هذا الاستدلال

فكان إجماعا.

اعتراض على ذلك:

قال قائل - معترضا -: لعلهم رجعوا إلى فساد ذلك بسبب قرينة

دلَّت في الحال على ذلك الفساد.

جوابه:

لو كان هناك قرينة لذكرت، ونقلت كما نقل استدلالهم بتلك

النواهي، فلما لم ينقل شيء من ذلك: دلَّ على أنهم فهموا من

النهي الفساد مطلقاً.

الدليل الثالث: أن النهي عن الشيء يقتضي ترك هذا الشيء المنهي

عنه واجتنابه، والأمر بذلك الشيء يقتضي إيجاده وعدم تركه.

وتركه وعدم تركه متناقضان، والشرع بريء من التناقض وما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015