ومأموراً به في حال واحدة، فهذا يجعل النهي عن العبادات يقتضي
فسادها.
وذلك بخلاف المعاملات، فإنها ليست قربة، فلا يناقض المقصود
منها ارتكاب النهي، فالنهي عن المعاملات لا يقتضي فسادها،
فمثلاً: البيع وقت النداء الثاني يوم الجمعة صحيح يفيد الملك، لكن
البائع آثم لارتكابه المنهي عنه، فلا يوجد تناقض هنا.
جوابه:
يجاب عن ذلك بجوابين:
الجواب الأول: لا نُسَلِّمُ عدم تناقض ذلك، فقد بيَّنا تناقضهما في
أدلتنا السابقة على مذهبنا.
الجواب الثاني: سلمنا أن النهي قد لا يناقض الصحة، لكن
الظاهر من النهي أنه يقتضي الفساد؛ للأدلة التي ذكرناها، والعمل
بالظاهر واجب.
وعلى فرض أنا خالفنا هذا الظاهر - وهو: أن النهي يقتضي
الفساد - وقلنا بالصحة في بعض الفروع، فإن هذا كان بسبب قرينة
صرفت اللفظ عن المعنى الراجح وهو الظاهر إلى المعنى المرجوح.
وهذا لا يعني أنا عدلنا عن قاعدتنا وأصلنا - وهو: أن النهي
يقتضي الفساد، بل نعمل على هذه القاعدة في مطلق النهي، قياسا
على قولنا: إن مطلق النهي يقتضي التحريم، لكن لو وردت صيغة
النهي مع قرينة صرفتها من التحريم إلى الكراهة: عملنا بتلك القرينة،
أما إذا تجرد النهي عن القرائن فإنه يقتضي التحريم، كذا هاهنا.
المذهب الثالث: التفريق بين ما نهي عنه لعينه، أو لغيره، بيانه: