دليل هذا المذهب:
قياس النهي على الأمر، فكما أن الأمر لا يقتضي الفور ولا
التكرار، فكذلك النهي لا يقتضي الفور ولا التكرار، والجامع: أن
كلاً منهما استدعاء وطلب.
جوابه:
يجاب عنه بجوابين:
الجواب الأول: لا نُسَلِّمُ الحكم في الأصل المقاس عليه؛ لأن
الأمر يقتضي الفور، وهذا ثبت بأدلة قد سبق بيانها.
الجواب الثاني: سلمنا أن الأمر لا يقتضي الفور ولا التكرار،
لكن قياس النهي عليه لا يصح؛ لأنه قياس فاسد؛ حيث إنه قياس
مع الفارق، ووجه الفرق: أن النهي يقتضي عدم الإتيان بالفعل،
وعدم الإتيان لا يتحقق إلا بترك الفعل في جميع أفراده في كل
الأزمنة، ومن جملتها الزمن التالي لصدور صيغة النهي.
أما الأمر فهو طلب الفعل، والفعل يتحقق ولو في مرة واحدة،
فليس في الأمر ما يقتضي التكرار، فصح أن يقال: إنه لا يفيد
التكرار، وحيث كان لا يفيد التكرار فهو لا يفيد الفور.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف - هنا - لفظي؛ لأن أصحاب المذهبين قد اتفقوا على
المعنى، وإن اخلفوا في اللفظ والاصطلاح؛ إذ لا يمكن لأحد أن
يقول: إن النهي يقتضي الانتهاء عن المنهي عنه بعد صدور صيغة
الأمر بفترة ولا يمكن لأحد أن يقول: يجب الانتهاء عن المنهي عنه
مرة واحدة، ثم يعود لفعله، هذا لا يقوله أحد.