لقد اختلف في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أن النهي يقتضي الانتهاء عن المنهي عنه على الفور
ويقتضي التكرار، وهو مذهب أكثر العلماء، وهو الحق؛ لما يلي
من الأدلة:
الدليل الأول: أن النهي يقتضي عدم الإتيان بالفعل، وعدم
الإتيان لا يتحقق إلا بترك الفعل في جميع أفراده في كل الأزمنة،
وبذلك يكون ترك الفعل مستغرقا جميع الأزمنة، ومن جملتها الزمن
الذي يلي النهي مباشرة، فيكون النهي مفيداً للتكرار كما هو مفيد
للفور.
الدليل الثاني: أن الناهي لا ينهى إلا عن قبيح، والقبيح يجب
اجتنابه. على الفور، وفي كل وقت.
الدليل الثالث: أن السيد لو قال لعبده: " لا تدخل الدار "،
فإن ذلك يقتضي: أن لا يدخل الدار على الفور وعلى التكرار
والمداومة، وإن دخلها في أي وقت من الأوقات فإفه يستحق الذم
والعقوبة، ولو لم يكن مقتضيا لذلك لما استحق مخالفه الذم
والعقوبة.
المذهب الثاني: أن النهي لا يقتضي الفور، ولا يقتضي التكرار.
وهو مذهب بعض العلماء.