أنه إذا كانت القدرة لا يمكن أن تكون مع عدم المقدور، فكذلك
الأمر لا يمكن أن يكون مع عدم المأمور.
جوابه:
إن هذا القياس فاسد؛ لأنا لا نُسَلِّمُ الأصل المقاس عليه؛ حيث
إن اللَّه سبحانه يوصف بأنه قادر قبل وجود المقدور، واذا بطل الأصل
فإنه يبطل الفرع المقاس عليه، فيبطل دليلكم.
الدليل الثالث: أن المعدوم يستحيل خطابه، وهو: توجيه الكلام
إليه بحيث يفهم ذلك الكلام ويسمعه، فإذا استحالت مخاطبته:
استحال أن يكلف بامتثال الأمر وفعله.
جوابه:
إنا لما قلنا: إن الأمر يتعلق بالمعدوم: لم نقل ذلك مطلقا، بل
بشرطين هما: " أن يوجد "، و " أن يكون قد استكمل شروط
التكليف " فخطابه بإيجاد الفعل حال عدمه مستحيل، أما توجيه
ْالأمر إليه بشرط الوجود فلا يكون مستحيلاً؛ لأنه يفعل في حال
وجوده ما أمر به سابقا، وعلى هذا يصح أن يكون مأموراً.
يدل على ذلك: أن الولد يصير مكلفا بوصية والده الذي لم يراه،
وملزما بها حتى إنه يوصف بالطاعة بالامتثال، ويوصف بالعصيان
بالمخالفة.
الدليل الرابع: قياساً المعدوم على الصبي والمجنون، بيانه:
أنه اتفق على عدم تعلق الأمر بالصبي والمجنون مع وجودهما،
فمن باب أوْلى: أن لا يتعلق الأمر بالمعدوم، والجامع: عدم فهم
الخطاب، وعدم معرفة الأمر والمأمور به، وأنه لا يقع منهم فعل
صحيح.