أنه لو ورد الأمر بعبادة لم يتناول هذا الأمر بمطلقه عبادة أخرى،
فكذلك إذا توجه الأمر إلى شخص متعبَّد لم يدخل فيه متعبَّد آخر؛
لأن الأمر يتناول العبادة والمتعبَّد بها، فكما لا يتعدى أحدهما لا
يتعدى الآخر.
جوابه:
إن هذا قياس فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق، ووجه الفرق: أن
الله تعالى إذا أمر بعبادة، فإنه أراد أن تقام تلك العبادة بذاتها؛
لمصلحة يعلمها، بخلاف المتعبَّد فإنه سبحانه إذا أمره بأن يفعل شيئا
فإنه لا يقصده هو بالذات، ولكن يقصد جميع المكلَّفين، إذا لم
يوجد دليل يخصصه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - مبعوث إلى الناس كافة، دون تخصيص بعض الأفراد دون بعض.
الدليل الثاني: قياس لفظ الخصوص على لفظ العموم، بيانه:
أن لفظ الخصوص ضد لفظ العموم، ثم إن لفظ العموم لا
يُحمل على الخصوص بمطلقه، فكذلك لفظ الخصوص لا يحمل
على العموم والاستغراق بمطلقه.
جوابه:
إن هذا - أيضا - قياس فاسد -؛ لأنه قياس مع الفارق، ووجه
الفرق: أن الخطاب وإن وجه إلى شخص فإنه يعم جميع الأشخاص؛
بناء على أن الشريعة عامة وشاملة لجميع المكلَّفين؛ حيث قال تعالى:
(وما أرسلناك إلا كافة للناس) ، وقال - صلى الله عليه وسلم -:
" بعثت إلى الأحمر والأسود ".
وأما لفظ العموم إذا ورد فإنه جاء على أصله، فلا يصرف عن
هذا الأصل إلا بدليل.