الوجه الثاني: أن الخبر من الحكيم لا يوجد إلا بعد أن قد تيقن

الحكيم أنه يكون المخبر على ما أخبر فيه، فلا غرر عليه في التأخير.

أما الأمر، فإنه يلزم المأمور فعلاً لا يعلم أي وقت يوقعه، فكان

إيقاعه في أول الوقت أحوط؛ لأمرين:

أولهما: أن في التأخير خطر وغرر؛ لأنه ربما فاجأه الموت قبل

الفعل فيأثم.

ثانيهما: أن الآمر لو أراد التأخير لأخر الأمر بالفعل.

الوجه الئالث: أن مقصود الخبر أن يكون صدقا، وأي وقت أخبر

به وفعله تحقق المقصود، أما الأمر فالمقصود: الإيجاب، والإيجاب

لا يتم إلا بالإيجاد، والتأخير إلى غير غاية، يلحقه بالنوافل، وهذا

لا يجوز.

الجواب الثاني: أن جميع الصحابة ومنهم عمر - رضي اللَّه عن

الجميع - فهموا التعجيل، ولهذا امتنعوا من نحر الهدي، وإنما

حمله أبو بكر على التراخي بقرينة: ثبوت صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - وما يأتي به عن اللَّه، والتأخير والتراخي يجوز بقرينة، وهذا لا خلاف فيه، أما إذا تجرد عن القرائن فإنه يقتضي الفور.

الدليل الثالث: قياس الأمر على اليمين، بيان ذلك:

أنه لو قال: " واللهِ لأصومن "، فإنه يبر بيمينه إذا صام في أي

وقت شاء، فكذلك الأمر، فإذا قال: " افعل "، فإن المأمور يكون

ممتثلاً إذا فعل المأمور به في أي وقت فعله.

جوابه:

إن قياسكم الأمر على اليمين قياس فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015