الوجه الثاني: أن الزمان الأول أوْلى لفعل المأمور به فيه؛ بدليل

ما بيَّنا وذكرنا من الاحتياط، وتحقيق الإيجاب، والسلامة من

الخطر، والتيقن والقطع بأن المأمور قد خرج عن العهدة بخلاف

الأمكنة، فإنه لا مزية لأحدها على الآخر، وكذلك الأشخاص لا

مزية لأحدهم على الآخر، وكذا الآلات لا مزية لإحداها على

الأخرى.

الدليل الثاني: قياس الأمر على الخبر، بيان ذلك:

أنه إذا قال: " سأعطي زيداً درهماً "، فإنه إخبار عن إيقاع الفعل

في المستقبل، ويكون ممتثلاً إذا أعطى زيداً بأي وقت شاء بدون

تحديد، فكذلك الأمر فلو قال: " أعطني الكتاب "، فإنه طلب

الفعل في المستقبل بدون تعيين أي زمن له، ولهذا لما صد المشركون

المسلمين عام الحديبية قال عمر لأبي بكر - رضي اللَّه عنهما -:

أليس قد وعدنا اللَّه تعالى بالدخول بقوله تعالى: (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) فكيف صدونا؛ فقال أبو بكر: " إن الله

تعالى وعدنا بذلك ولم يقل بأي وقت "، فهذا كله يقتضي أن الخبر

لا يقتضي الوقت الأول، فكذلك الأمر بجامع: أن الفعل فيهما

يكون في المستقبل.

جوابه:

يجاب عن ذلك بجوابين:

الجواب الأول: أن قياس الأمر على الخبر قياس فاسد؛ لأنه قياس

مع الفارق، والفرق بينهما من وجوه:

الوجه الأول: أن الخبر يحتمل الصدق والكذب، أما الأمر فلا

يحتمل ذلك؛ حيث إنه حث، ووجوب، واستدعاء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015