بريرة فاشترط أهلها ولاءها، فذكرته لرسول اللَّه، فقال: أعتقيها، فإن الولاء لمن أعطى الورق. . . " الحديث.

عبد الواحد بن أيمن (خ) (?)، حدثني أبي قال: "دخلت على عائشة فقلت: إني كنت غلامًا لعتبة بن أبي لهب، وإن عتبة مات وورثني بنوه، وإنهم باعوني من عبد اللَّه بن أبي عمرو المخزومي فأعتقني، واشترطوا ولائي، فمولى من أنا؟ فقالت: دخلت عَليّ بريرة وهي مكاتبة فقالت: اشتريني يا أم المؤمنين، فإن أهلي يبيعوني فأعتقيني. قلت: نعم. قالت: إنهم لا يبيعوني حتى يشترطوا ولائي. فقالت: لا حاجة لي بك. فسمع ذلك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أو بلغه- فقال: ما شأن بريرة؟ فذكرت عائشة ما قالت لها، فقال: اشتريها فأعتقيها ودعيهم فليشترطوا ما شاءوا - فاشترتها فأعتقتها واشترط أهلها الولاء، فقال رسول اللَّه: الولاء لمن أعتق، وإن اشترطوا مائة شرط". رواه (خ) عن أبي نعيم (?) وعن خلاد بن يحيى (?) عنه. وهذه الرواية قريبة من رواية هشام بن عروة، والعدد بالحفظ أولى من الواحد.

قلت: الزيادة من الثقة مقبولة.

قال الشافعي: إذا رضي أهلها بالبيع ورضيت المكاتبة بالبيع فإن ذلك ترك للكتابة. فقال لي بعض الناس: فما معنى إبطال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- شرط عائشة لأهل بريرة؟ قلت: إن بينًا -واللَّه أعلم- في الحديث نفسه أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد أعلمهم أن اللَّه قد قضى أن الولاء لمن أعتق، وقال: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} (?) وأنه نسبهم إلى مواليهم كما نسبهم إلى آباءهم، فكما لم يجز أن يحولوا عن آبائهم فكذلك لا يجوز أن يحولوا عن مواليهم، وقال عليه السلام: "الولاء لمن أعتق" ونهى عن بيع الولاء وعن هبته، وروي عنه أنه قال: "الولاء لُحْمة كلُحْمة النسب، لا يباع ولا يوهب" فلما بلغهم هذا كان من خلافه عاصيًا، وكانت في المعاصي حدود وآداب فكان من أدب العاصي أن يُعطل شرطه لينتكل عن مثله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015