اثني عشر ألفًا، فقالوا: هاتوا لنا رجلًا يكلمنا، فأخرجنا المغيرة، فأعاد عليهم كلامه الأول فقال الملك: أتدرون ما مثلنا ومثلكم؟ قال المغيرة: وما مثلنا ومثلكم قال: مثل رجل له بستان ذو رياحين، وكان له ثعلب قد آذاه، فقال له رب البستان: يا أيها الثعلب، لولا أن ينتن حائطي من جيفتك لهيأت ما قد قتلك، وإنا لولا أن تنتن بلادنا من جيفتكم لكنا قد قتلناكم بالأمس. قال له المغيرة: هل تدري ما قال الثعلب؟ قال: يا رب البستان، إن أموت في حائطك ذا بين الرياحين أحب إلى من أن أخرج إلى أرض قفر ليس بها شيء، وإنه واللَّه لو لم يكن دين وقد كنا من شقاء العيش فيما ذكرت ذلك ما عدنا في ذلك الشقاء أبدًا حتى نشارككم فيما أنتم فيه أو نموت، فكيف بنا ومن قتل منا صار إلى رحمة اللَّه وجنته ومن بقي منا ملك رقابكم؟ ! قال جبير: فأقمنا عليهم يومًا لا نقاتلهم ولا يقاتلونا، فقام المغيرة إلى النعمان بن مقرن، فقال: أيها الأمير، إن النهار قد صنع ما ترى، واللَّه لو وليت من أمر الناس مثل الذي وليت منهم لألحقت الناس بعضهم ببعض حتى يحكم اللَّه بين عباده بما أحب. فقال النعمان: ربما أشهدك اللَّه مثلها ثم لم يندمك ولم يخزك ولكني شهدت مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كثيرًا كان إذا لم يقاتل في أول النهار انتظر حتى تهب الأرواح وتحضر الصلاة، ألا أيها الناس إني لست لكلكم اسمع، فانظروا إلى دابتي هذه فإذا حركتها فاستعدوا، من أراد أن يطعن برمحه فلييسر رمحه، ومن أراد أن يضرب بعصاه فلييسر عصاه، ومن أراد أن يطعن بخنجره فلييسره، ومن أراد أن يضرب بسيفه فلييسر سيفه، ألا أيها الناس إني محركها الثانية فاستعدوا، ثم إني محركها الثَّالثة فشهدوا على بركة اللَّه، فإن قتلت فالأمير أخي، فإن قتل أخي فالأمير حذيفة، فإن قتل حذيفة فالأمير المغيرة بن شعبة. قال: وحدثني زياد بن جبير أن أباه قال: قتلهم اللَّه، فنظرنا إلى بغل موقرٍ عسلًا وسمنًا قد كدست القتلى عليه فما أشبهه إلا كومًا من كوم السمك يلقى بعضه على بعض فعرفت أنه إنما يكون القتل في الأرض ولكن هذا شيء صنعه اللَّه، وظهر المسلمون وقتل النعمان وأخوه، وصار الأمر إلى حذيفة" (?) فهذا حديث زياد وبكر، قال: وثنا أبو رجاء الحنفي قال: "كتب حذيفة إلى عمر أنه أصيب من المهاجرين فلان وفلان وممن لا نعرف أكثر، فلما قرأ الكتاب رفع صوته ثم بكى وبكى، فقال: بل اللَّه يعرفهم ثلاثًا" رواه البخاري مختصرًا، وفيه دلالة على أخذ الجزية من المجوس.