أبشروا وأملوا ما يسركم، فواللَّه ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها وتلهيكم كما ألهتم".
وإبراهيم بن سعد (م) (?) عن صالح، عن ابن شهاب به.
14516 - معتمر بن سليمان، ثنا سعيد بن عبيد اللَّه، نا بكر بن عبد اللَّه وزياد بن جبير، عن جبير بن حية قال: "بعث عمر الناس من أفناء الأمصار يقاتلون المشركين -فذكر الحديث في إسلام الهرمزان- قال: فقال: إني مستشيرك في مغازي هذه فأشر علي في مغازي المسلمين. قال: نعم يا أمير المؤمنين. الأرض مثلها ومثل من فيها من الناس من عدو المسلمين مثل طائر له رأس وله جناحان وله رجلان؛ فإن كسر أحد الجناحين نهضت الرجلان بجناح والرأس، وإن كسر الجناح الآخر نهضت الرجلان والرأس، وإن شدخ الرأس ذهبت الرجلان والجناحان والرأس، فالرأس كسرى والجناح قيصر والجناح الآخر فارس، فَمُر المسلمين أن ينفروا إلى كسرى. قال جبير: فندبنا عمر واستعمل علينا رجلًا من مزينة يقال له: النعمان بن مقرن وحشر المسلمين معه، قال: وخرجنا فيمن خرج من الناس حتى إذا دنونا من القوم وأداة الناس وسلاحهم الجحف والرماح الكسرة والنبل قال: فانطلقنا نسير ومالنا كثير خيول -أو مالنا خيول- حتى إذا كنا بأرض العدو وبيننا وبين القوم نهر، خرج علينا عامل لكسرى في أربعين ألفًا حتى وقفوا على النهر ووقفنا من حياله الآخر قال: يا أيها الناس، أخرجوا إلينا رجلا يكلمنا، فأخرج إليه المغيرة بن شعبة وكان رجلا قد اتجر وعلم الألسنة، فقام ترجمان القوم فتكلم دون ملكهم. قال: فقال الناس: ليكلمي رجل منكم، فقال المغيرة: سل عما شئت، فقال: ما أنتم؟ فقال: نحن ناس من العرب كنا في شقاء شديد وبلاء طويل، نمص [الجلد] (?) والنوى من الجوع، ونلبس الوبر والشعر، ونعبد الشجر والحجر، فبينا نحن كذلك إذ بعث رب السموات ورب الأرض إلينا نبيًا من أنفسنا نعرف أباه وأمه، فأمرنا نبينا أن نقاتلكم حتى تعبدوا اللَّه وحده أو تؤدوا الجزية، وأخبرنا نبينا عن رسالة ربنا أن من قتل منا صار إلى جنة ونعيم لم يَر مثله قط ومن بقي منا ملك رقابكم. قال: فقال الرجل: بيننا وبينكم بعد غد حتى نأمر بالجسر يجسر. قال: فافترقوا وجسروا الجسر، ثم إن أعداء اللَّه قطعوا إلينا في مائة ألف: ستون ألفًا يجرون الحديد وأربعون ألفًا رماة الحدق، فأطافوا بنا عشر مرات وكنا