مريم؟ قال له جعفر: نقول: هو عبد اللَّه ورسوله وكلمته وروحه ألقاها إلى مريم العذراء البتول. فدلّى النجاشي يده إلى الأرض فأخذ عويدًا بين أصبعيه فقال: ما عدا عيسى ما قلت هذا العويد. قالت: فلم ينشب أن خرج عليه رجل من الحبشة ينازعه في ملكه، فواللَّه ما علمتنا حزنا حزنًا قط كان أشد منه فرقًا من أن يظهر ذلك الملك عليه، فيأتي ملك لا يعرف من حقنا ما كان يعرف، فجعلنا ندعو اللَّه ونستنصره للنجاشي، فخرج إليه سائرًا فقال أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعضهم لبعض: من يخرج فيحضر الوقعة حتى ينظر على من يكون، فقال الزبير -وكان من أحدثهم سنًّا-: أنا، فنفخوا له قربة فجعلها في صدره، ثم خرج يسبح عليها في النيل حتى خرج من الشقة الأخرى إلى حيث التقى الناس فحضر الوقعة، فهزم اللَّه ذلك الملك وقتله وظهر النجاشي عليه، فجاءنا الزبير فجعل يليح إلينا بردائه ويقول: ألا أبشروا؛ فقد أظهر اللَّه النجاشي. فواللَّه ما فرحنا بشيء فرحنا بظهوره".
الأسير يؤخذ عليه أن يبعث إلى الكفار بفداء أو يعود في أسارهم
فعن الأوزاعي قال: "يعود في أسارهم" وربما احتج لذلك بأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صالح أهل الحديبية أن يرد من جاء منهم بعد الصلح مسلمًا، فجاء أبو جندل فرده إلى أبيه وأبو بصير فرده، فقتل أبو بصير المردود معه ثم جاء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: قد وفيت لهم ونجاني اللَّه منهم. فلم يرده النبي ولم يعب ذلك عليه وتركه فكان بطريق الشام يقطع على كل مال لقريش حتى سألوا رسول اللَّه أن يضمه إليه لما نالهم من أذاه.
14337 - عبد الرزاق (خ) (?) عن معمر قال: قال الزهري: أخبرني عروة، عن المسور بن مخرمة ومروان. . . فذكر حديث صلح الحديبية، وذكر قصة أبي جندل وأبي بصير قال: وإنما رد أبا جندل إليهم؛ لأنه كان لا يخاف في الرد لمكان أبيه، وكذلك أشار على أبي بصير بالرجوع إليهم.
14338 - عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج أن الحسن بن علي بن أبي رافع حدثه أن أبا رافع أخبره: "أنه أقبل بكتاب من قريش إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال فلما رأيت رسول اللَّه ألقي في قلبي الإسلام، فقلت: يا رسول اللَّه، واللَّه لا أرجع إليهم أبدًا. فقال: إني واللَّه لا