محمد، إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تعف تعف عن شاكر، وإن تسأل مالًا تعطه. فمضى وتركه، ومر به من الغد، فقال: ما لك يا ثمامَ، هل أمكن اللَّه منك؟ فأعاد قوله، ثم مر به من الغد فقال كقوله، وأجابه بما قال، ثم انصرف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال أبو هريرة: فجعلنا المساكين نقول بيننا: ما نصنع بدم ثمامة؟ واللَّه لأكلة من جزور سمينة من فدائه أحب إلينا من دمه. فلما كان الغد مر به رسول اللَّه، فقال: ما لك يا ثمامة؟ فقال: خيرًا يا محمد، إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تعف تعف عن شاكر وإن تسأل مالًا تعطه. فقال: أطلقوه؛ فقد عفوت عنك يا ثمام. فخرج ثمامة حتى أتى حائطًا من حيطان المدينة، فاغتسل فيه وتطهر وطهر ثيابه، ثم جاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو جالس في المسجد في أصحابه، فقال: يا محمد، واللَّه لقد كنت وما وجه أبغض إليّ من وجهك، ولا دين أبغض إليّ من دينك، ولا بلد أبغض إليّ من بلدك، ثم لقد أصبحت وما وجه أحب إليّ من وجهك، ولا دين أحب إليّ من دينك، ولا بلد أحب إليّ من بلدك، وإني أشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأن محمدًا عبده ورسوله، يا رسول اللَّه، قد كنت خرجت معتمرًا وأنا على دين قومي فيسرني صلى اللَّه عليك في عمرتي، فيسره وعلمه، فخرج معتمرًا، فلما قدم مكة وسمعته قريش يتكلم بأمر محمد من الإسلام، قالوا: صبأ ثمامة. فقال: إني واللَّه ما صبوت، ولكني أسلمت وصدقت محمدًا وآمنت به، وايم الذي نفس ثمامة بيده، لا تأتيكم حبة من اليمامة -وكانت ريف مكة- حتى يأذن فيها محمد. وانصرف إلى بلده ومنع الحمل إلى مكة حتى جهدت قريش، فكتبوا إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يسألونه بأرحامهم أن يكتب إلى ثمامة يخلي إليهم حمل الطعام، ففعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-".
14054 - ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة قال: "وأقبل ثابت بن قيس إلى رسول اللَّه، فقال: هب لي الزبير اليهودي أجزيه بيد كانت له يوم بعاث. فأعطاه إياه، فأقبل ثابت حكى أتاه، فقال: يا أبا عبد الرحمن، هل تعرفني؟ قال: نعم، وهل ينكر الرجل أخاه؟ قال ثابت: أردت أن أجزيك اليوم بيد لك عندي يوم بعاث. قال: فافعل، فإن الكريم يجزي الكريم. قال: قد فعلت، قد سألتك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فوهبك لي. فأطلق عنه أساره. فقال الزيبر: ليس لي قائد وقد أخذتم امرأتي وبنيّ. فرجع ثابت فقال: رد إليك رسول اللَّه امرأتك وبنيك. فقال الزبير: حائط لي فيه أعذق ليس لي ولا لأهلي عيش إلا به. فرجع ثابت إلى رسول اللَّه فوهبه له، فرجع ثابت إلى الزبير فقال: قد رد إليك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أهلك ومالك