محمد فسلوه كيف الحكم فيهما وولوه الحكم عليهما، فإن عمل بعملكم فيهما من التجبية -وهو الجلد بحبل من ليف مَطْلي بقار ثم يسوّد وجوههما ثم يحمالان على حمارين وتحول وجوههما من قبل إلى دبر الحمار- فاتبعوه وصدقوه فإنما هو ملك وإن هو حكم فيهما بالرجم فاحذروا على ما في أيديكم أن يسلبكموه. فأتوه فقالوا: يا محمد هذا الرجل قد زنى بعد إحصانه بامرأة قد أحصنت فاحكم فيهما فقد وليناك الحكم فيهما. فمشى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: حتى أتى أحبارهم في بيت المدراس فقال: يا معشر يهود أخرجوا إليّ أعلمكم. فأخرجوا له عبد اللَّه ابن صوريا الأعور وقد روى بعض بني قريظة أنهم أخرجوا إليه يومئذ مع ابن صوريا أبا ياسر ابن أخطب ووهب بن يهوذا فقالوا: هؤلاء علماؤنا فقال لهم رسول اللَّه حين خَطِلَ أمرهم إلى أن قالوا لابن صوريا هذا أعلم من بقي بالتوراة فخلا به رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وكان غلامًا شابًا من أحدثهم سنًا فألظَ به المسألة رسول اللَّه يقول له: يا ابن صُوريا أنشدك اللَّه وأذكرك أيامه عند بني إسرائيل هل تعلم أن اللَّه حكم فيمن زنى بعد إحصانه بالرجم في التوراة؟ فقال: اللهم نعم، أما واللَّه يا أبا القاسم إنهم ليعرفون إنك نبي مرسل ولكنهم يحسدونك. فخرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأمر بهما فرجما عند باب مسجده في بني غنم بن مالك بن النجار ثم كفر بعد ذلك ابن صوريا فأنزل اللَّه -عز وجل-: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} إلى قوله: {سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ} (?) يعني الذين لم يأتوه وبعثوا وتخلفوا وأمروهم بما أمروهم به من تحريف الحكم عن مواضعه قال: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ} (?) التجبية {وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ} (?) أي الرجم {فَاحْذَرُوا} (?) إلى آخر القصة".

وأخرج نحوه أبو داود (?) من حديث ابن إسحاق بإسناده، عن أبي هريرة قال: "زنى رجل وامرأة من اليهود وقد أحصنا حين قدم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المدينة وقد كان الرجم مكتوبًا عليهم في التوراة فتركوه وأخذوا التجبية -يضرب مائة بحبل مَطلي بقار يحمل على حمار ووجهه مما يلي دبر الحمار- فاجتمع أحبار من أحبارهم فبعثوا قومًا إلى رسول اللَّه يسألونه عن حد الزاني. . . "

طور بواسطة نورين ميديا © 2015