يصلي؟ قال: لا. قال: ألم تسمع قول عمار لعمر: "إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعثني أنا وأنت فأجنبت، فتمعكت بالصعيد، فأتينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبرناه، فقال: إنما يكفيك هكذا. ومسح وجهه وكفيه واحدة. فقال: إني لم أر عمر قنع بذلك، قلت: فكيف تصنعون بهذه الآية: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (?)؟ قال: إنا لو رخصنا لهم في هذا كان أحدهم إذا وجد الماء البارد تمسح بالصعيد. قال الأعمش: فقلت لشقيق: فما كرهه إلا لهذا".

قال الشافعي في حديث عمار: لا يجوز على عمار إذا كان تيمم مع النبي -صلى الله عليه وسلم- عند نزول الآية إلى المناكب عن أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا أن ذلك منسوخ، إذ روى أنه عليه السلام أمر بالتيمم على الوجه والكفين، أو يكون لم يرو عنه إلا تيممًا واحدًا، فاختلفت الرواية عنه، فتكون رواية ابن الصمة التي لم تختلف أثبت وأولى، ولأنها أوفق للقرآن من الروايتين اللتين رويتا مختلفتين، أو يكون إنما سمعوا آية التيمم عند حضور صلاة فتيمموا، فاحتاطوا فأتوا على غاية ما يقع عليه اسم اليد؛ لأن ذلك لا يضرهم كما لا يضرهم لو فعلوه في الوضوء، فلما صاروا إلى سؤال النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرهم بالمجزئ، وهذا أولى المعاني عندي برواية ابن شهاب من حديث عمار، بما وصفت من الدلائل.

قال الشافعي: وإنما منعنا أن نأخذ برواية عمار في أنه للوجه وللكفين بثبوت الخبر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه مسح وجهه وذراعيه فهو أشبه بالقرآن وبالقياس؛ إذ البدل من الشيء إنما يكون مثله، فهذا ما رواه عنه الربيع.

وأما رواية الزعفراني عنه، فذكر أن ابن عمر تيمم ضربة للوجه، وضربة إلى المرفقين، ثم قال: بهذا رأيت أصحابنا يأخذون. وقد روي فيه شيء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لو علمته ثابتًا لم أعْدُه ولم أشك فيه، وقد قال عمار: "تيممنا مع النبي إلى المناكب"، وروي عنه الوجه والكفين، فكان قوله: "تيممنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المناكب" لم يكن عن أمر الرسول، فإن ثبت عن عمار عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الوجه والكفين" ولم يثبت عنه "إلى المرفقين" فالثابت أولى، وبهذا كان يفتي سعيد بن سالم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015