وأما قوله: (ونهى عن الغيبة، وعن الاستماع إلى الغيبة) .
فالغيبة تناول لعرض المؤمن، وله ذمة وحرمة عظيمة بما فيه من التوحيد؛ فصار حرام الدم، حرام المال، حرام العرض؛ لأن المال قوام الدين والعرض.
والموحد في ستر التوحيد، كل شيء من شأنه دينا وخلقه؛ فإذا ذكرته بشيء من السوء، فإنما يخرج شيئا مستورا بستر الله تعالى، فقد هتك الله تعالى.
والمستمع له شريك؛ فلولا المستمع لم يصر قوله غيبة؛ لأنه نطق بها عنده، وبين يديه يهتك ستره، وإنما يصير هتكا بالقول لأنه أظهر عنده. فاعتبر بملك من ملوك الدنيا أسدل سترا على بابه، فعمد رجل إلى ذلك الستر فهتكه، ماذا يحل للجرأة التى اجترأ؟ والمستمع غير السامع؛ لأنه قد يسمع وهو لا يرضى به، فإذا استمع فقد شركه؛ لأنه أعمل سمعه في ذلك ورضى به.