وكان رحمه الله حافظ المشرق والمغرب، أمير المؤمنين في الحديث، انتهت إليه رئاسة علم الحديث من أيام شبيبته بلا مدافعة، بل قيل أنه لم ير مثل نفسه، قلت: وهذا هو الأصح. وكان عفا الله عنه ذا شيبة نيرة ووقار وأبهة، ومهابة، هذا مع ما احتوى عليه من العقل والحكمة والسكون والسياسة والدربة بالأحكام ومداراة الناس، قبل أن يخاطب الشخص بما يكره، بل كان يحسن لمن يسيء إِلَيْهِ ويتجاوز عمن قدر عليه.

وكانت صفته رحمه الله، ذا لحية بيضاء ووجه صبيح، للقصر أقرب، وفي الهامة نحيف، جيد الذكاء، عظيم الحذق لمن ناظره أو حاضره، راوية للشعر وأيام من تقدمه وعاصره، فصبح اللسان، شجي الصوت، هذا مع كثرة الصوم ولزوم العبادة، واقتفائه طرق من تقدمه من الصلحاء السادة، وأوقاته للطلبة مقسمة تقسيماً لمن ورد عليه آفاقياً كان أو عنده مقيماً، مع كثرة المطالعة والتأليف والتصدي للإفتاء والتصنيف.

وأما مصنفاته فنذكر ما نعرفه منها فإن أسماء مصنفاته مجلد كامل صغير الحجم، فأول تصانيفه تغليق التعليق وصل فيه تعليقات البخاري، وهو كتاب نفيس، قرض عليه شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني وغيره، وهو من تصانيفه الجليلة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015