يعظمونه ويبجلونه؛ فتوقفت لهيبته؛ فقال ثانياً: أدن مني وكُلْ - الموافقة من المروءة، المنافقة من الزندقة -؛ فتقدمت وجلست وأكلت معهم من الرطب، وصار يناولني الرطب بيده المباركة إلى أن ناولني ست رُطبات، من سوى ما أكلت بيدي، ثم نظر إلي وتبسم وقال لي: ألم تعرفني. قلت: كأني، غير أني لم أتحقق؛ فقال: ألم تحملني في عام كذا، وجاوزت بي السيل حين حال السيل بيني وبين إبلي؟؛ فعند ذلك عرفته بالعلامة، وقلت له: بلى يا صبيح الوجه؛ فقال لي: امدد يدك، فمددت يدي اليمنى إليه؛ فصافحني بيده اليمنى، وقال لي: قل أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ فقلت ذلك كما علمني، فسرَّ بذلك، وقال لي عند خروجي من عنده: بارك الله في عمرك، بارك الله في عمرك، بارك الله في عمرك؛ فودعته وأنا مستبشر بلقائه وبالإسلام، فاستجاب الله دعاء نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وبارك في عمري بكل دعوة مائة سنة. وها عمري اليوم نيف وستمائة سنة، وجميع من في هذه الضيعة أولاد أولاد أولادي، وفتح الله عليَّ وعليهم بكل خير وبكل نعمة ببركة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتهى.
وذكر عبد الوهاب القارئ الصوفي أنه مات في حدود سنة اثنتين وثلاثين وستمائة.
وذكر النجيب عبد الوهاب أيضاً: أنه سمع من الشيخ محمود بابا رتن، وأنه بقي إلى سنة تسع وسبعمائة، وأنه قدم عليهم شيراز. انتهى.