وتدعوا إلى القناعة وعدم الشره وتعين على البعد عن الحرام والمكروه فيما يأكل ثم هي ذكر الله وانشغال بالعبادة في الوقت الذي ينشغل فيه النهم بملء البطن ولا مانع أن تكون الحكمة مجموع هذه الأمور

وأما الأكل باليمين فالأمر فيه محمول على الندب أيضا عند الجمهور وقد نص الشافعية في الأم على وجوبه لظاهر الأمر ولورود الوعيد في الأكل بالشمال ففي صحيح مسلم "أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يأكل بشماله فقال كل بيمينك قال لا أستطيع قال لا استطعت فما رفعها إلى فيه بعد" والحكمة في الأكل والشرب باليمين أنها في الغالب أقوى من الشمال وأمكن منها وإنها مشتقة من اليمن بمعنى البركة فهي وما نسب إليها وما اشتق منها محمود لغة وشرعا ودينا وإن اليسار تعالج بها النجاسات

وأما الأكل مما يلي فهو سنة متفق عليها وخلافها مكروه شديد الاستقباح إذا كان الطعام واحدا لجماعة وغير جاف والحكمة في ذلك ما في ما خلقته من إظهار الحرص والفهم وسوء الأدب ولأن في الأكل من موضع يد صاحبه سوء عشرة وإفساد مودة لتقزز النفس مما خاضت فيه الأيدي وهل هذا الحكم عام في كل مأكول أو يباح في الأطعمة الجافة التي لا تخوض فيها الأيدي الظاهر أنه خاص بالأطعمة السائلة استدلالا بما رواه الترمذي عن عكراش قال بعثني بنو مرة بصدقات أموالهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدمت المدينة فوجدته جالسا بين المهاجرين والأنصار قال ثم أخذ بيدي فانطلق بي إلى بيت أم سلمة فقال هل من طعام فأتتنا بجفنة كثيرة الثريد والودك -الدسم- فأقبلنا نأكل منها فخطبت بيدي في نواحيها وأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين يديه فقبض بيده اليسرى على يدي اليمين ثم قال يا عكراش كل من موضع واحد ثم أتتنا بطبق فيه ألوان التمر فجعلت آكل من بين يدي وجالت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطبق قال "يا عكراش كل من حيث شئت فإنه غير لون واحد" والذي ترتاح إليه النفس أن يقال إن كان الطعام الجاف أنواعا متعددة كانت في إناء واحد أو في أواني متعددة جاز التنقل وإن كان الأولى تركه لأن الأدب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015