الطاعة وفتح لها أبواب العبادة في شتى الظروف، ومختلف الأحوال، جعل لها الأرض كلها مسجدا، وشرع لها ذكره تعالى باللسان والقلب قياما وقعودا وعلى الجنوب، ويسر التقرب إليه بالصلاة على الدابة، دون التقيد باستقبال القبلة {فأينما تولوا فثم وجه الله} وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أوحي إليه قولا وعملا، وهو في هذا يسافر على راحلته فينوي صلاة النافلة، لا يتحرى بوجهه وصدره القبلة، بل جهة السير والمقصد، ولا يقف في مواطن الوقوف في الصلاة، ولا يجلس في مواطن جلوسها، ولا يسجد سجودها، بل هو على طبيعة الراكب في جلوسه على دابته، يومئ عند الركوع، ويخفض رأسه أكثر من الركوع عند السجود. تلك شريعة الله في النافلة في السفر، يسر وتيسير ولا حرج، أما الفريضة فلها وضعها، كان صلى الله عليه وسلم ينزل فيستقبل القبلة فيصلي على الأرض، ليس في ذلك مشقة، فهي دقائق ولها وقتها المحدد والموسع. فالحمد لله رب العالمين.
-[المباحث العربية]-
(كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته) الراحلة الناقة التي تصلح لأن ترحل وتقال على الذكر والأنثى من الإبل، قاله الجوهري، وقال ابن الأثير: الراحلة من الإبل البعير القوي على الأسفار والأحمال، والذكر والأنثى فيه سواء والهاء في الراحلة للمبالغة لا للتأنيث.
(حيث توجهت به) يعني إلى جهة القبلة أو غيرها.
-[فقه الحديث]-
هذا الحديث نص في جواز التنفل على الراحلة في السفر حيث توجهت قال النووي: وهذا جائز بإجماع المسلمين، وشرط أن لا يكون سفر معصية إذ لا يجوز الترخيص بشيء من رخص السفر لعاص بسفره، كمن سافر لقتل نفس، أو لقطع طريق، أو عاقا لوالديه، أو ناشزا على زوجها.