-[المعنى العام]-
كانت الخمر في الجاهلية مشروبا يجلس له الرجال مجتمعين لذته في اجتماعهم ودوران الكأس عليهم ومسامرتهم أثناء الشرب وبعده حين تأخذ الخمر بالعقول فينطق شاربوها بما لا يقبلون أن ينطقوا به في كمال وعيهم ويتصرفون بما لا يليق أن يتصرفوا به لقد علموا أن الخمر فيها إثم كبير لكن منافعهم منها من حيث إنها تبعث الحرارة في الجسم وتمنحه بعض الخفة وبعض النشاط إذا كانت كميتها في حدود مناسبة كانت هذه المنافع البسيطة قد غلبتهم وجعلتهم يستهينون بما تحدثه من إثم كبير وجاء النهي عن الصلاة وهم سكارى بقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون} فامتنع الكثيرون عن شربها قبيل الصلوات أو شرب الكثير منها الذي يأخذ بعقولهم واستمرت هذه الحال إلى سنة ست من الهجرة وكان العقلاء من المسلمين لا يشربونها أو لا يكثرون منها بل كان بعضهم يتمنى أن لو حرمت لقد رأوا بأعينهم ما تجره الخمر عليهم من الويلات والعداوات حتى إن قبيلتين من الأنصار اجتمعوا فشربوا حتى ثملوا فعبث بعضهم ببعض لطخوا وجوه بعضهم وعبثوا في شعورهم فلما أن صحوا جعل الرجل يرى في وجهه ورأسه الأثر القبيح فيقول صنع هذا أخي فلان والله لو كان بي رحيما ما فعل بي هذا وكانوا أخوة ليس في قلوبهم ضغائن فوقعت في قلوبهم الضغائن فأنزل الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} الآية رقم 90 من سورة المائدة فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم على من حضر ثم بعث مناديا ينادي في المدينة ألا إن الخمر قد حرمت ووصل صوت هذا المنادي إلى مجموعة من الرجال يشربون الخمر في بيت أبي طلحة يسقيهم أنس بن مالك وجاء المنادي على بابهم وخرج إليه أنس يسأله الخبر فيؤكد له المنادي أن الخمر قد حرمت وكأن الموجودين بالدار كانوا يتمنون ذلك فما إن سمعوا حتى قالوا لأنس اكسر أواني الخمر بعد
إراقة ما فيها ولم يتردد ولم يراجع ولم يشك في