(فأرى غيرها خيرا منها) ظاهر الكلام عود الضمير على اليمين ولا يصح عوده على اليمين بمعناها الحقيقي فالمعنى فأرى غير المحلوف عليه خيرا من المحلوف عليه والرؤية هنا اعتقادية لا بصرية
(وتحللتها) أي فعلت ونقلت المنع إلى الإذن فيصير حلالا ويحصل ذلك بالكفارة
-[فقه الحديث]-
ظاهر قوله إلا أتيت الذي هو خير منها وتحللتها تقديم الحنث على الكفارة ولا خلاف في جواز ذلك لكن الخلاف في جواز تقديم الكفارة على الحنث أخذا من رواية فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير ورواية إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير
فالحنفية وأشهب من المالكية وداود الظاهري يرون أن الكفارة لا تجزئ قبل الحنث وقالوا في قوله تعالى {ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم} أي إذا حلفتم فحنثتم وقالوا أيضا إن الكفارة تجب بالحنث لا بنفس اليمين إذ لو كانت بنفس اليمين لم تسقط عمن لم يحنث، وقالوا أيضا إن الكفارة بعد الحنث فرض وإخراجها قبل الحنث تطوع ولا يقوم التطوع مقام الفرض
وذهب ربيعة والأوزاعي والليث والشافعي وسائر فقهاء الأمصار إلى أن الكفارة تجزئ قبل الحنث وإن استحبوا تأخيرها لما بعد الحنث واحتجوا بأن اختلاف ألفاظ الحديث لا يدل على تعيين أحد الأمرين وإنما أمر الحالف بأمرين فإذا أتى بهما جميعا فقد فعل ما أمر به وقد اختلف لفظ الحديث فقدم الكفارة مرة وأخرها مرة لكن بحرف الواو الذي لا يوجب ترتيبا قال الباجي وابن التين وجماعة الروايتان دالتان على الجواز لأن الواو لا ترتب وقال الجمهور في قوله تعالى {ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم} أي إذا حلفتم فأردتم الحنث وللإمام مالك في المسألة روايتان قال عياض ومنع بعض المالكية تقديم كفارة المعصية لأن فيه إعانة على المعصية والله أعلم