وتبين للمسلمين أن فتح مكة فيما بعد وإن اعتبر فتحا إلا أن الفتح الحقيقي الجدير باسم الفتح والمقصود بقوله تعالى {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} إنما هو صلح الحديبية لما فتح الله به على الإسلام والمسلمين ويكفي دليلا على ذلك أنه أسلم في عامين بعده أضعاف من أسلموا قبله كان المسلمون في الحديبية نحو ألف ونصف الألف وكانوا في فتح مكة نحو عشرة آلاف
-[المباحث العربية]-
(تعدون أنتم الفتح فتح مكة) الخطاب لمتأخري الصحابة ممن لم يشهد الحديبية ويعلم ثمرة صلحها وأل في الفتح للكمال كقولنا أنت الرجل
(وقد كان فتح مكة فتحا) هذا استدراك للحفاظ على قيمة فتح مكة أي كان فتحا لكنه ليس الفتح الأكبر
(ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان) قصده أننا نعد الفتح الأكبر صلح الحديبية المترتب على بيعة الرضوان وآثرها بالذكر لفضلها والتشرف بالانتساب إليها
(يوم الحديبية) بتشديد الياء الثانية وتخفيفها لغتان وأنكر بعضهم التخفيف قال أبو عبيد أهل العراق يثقلون وأهل الحجاز يخففون
(والحديبية بئر) يشير إلى أن المكان المعروف بالحديبية سمي ببئر كانت هناك ثم عرف المكان كله بذلك وقيل سمي المكان باسم شجرة حدباء كانت هناك فصغرت وقيل غير ذلك
(فنزحناها) في رواية فنزفناها بالفاء بدل الحاء والنزف والنزح واحد وهو أخذ الماء شيئا بعد شيء إلى أن لا يبقى منه شيء
(فلم نترك فيها قطرة) واحدة القطر نقطة المطر والتعبير مبالغة إذ الدلو لا يمسك من قعرها شيئا مع وجود قطرات كثيرة
(فجلس على شفيرها) أي على حرفها