يدخل هو وأصحابه المسجد الحرام آمنين محلقين رءوسهم ومقصرين لا يخافون وظن صلى الله عليه وسلم أن الرؤيا هذه تتحقق له ولأصحابه هذا العام فأخبرهم فخرجوا معه بهدي العمرة لم يهتموا بالسلاح ولم يستعدوا لحرب لكن شأنهم تقلد السيوف واستصحاب الرماح والنبال في جل سفرهم خرج معه نحو أربعمائة وألف (أربعة عشر مائة) حتى وصلوا إلى مكان يسمى الحديبية على بعد عشرة أميال تقريبا من مكة نزلوا فضربوا الخيام وقرروا التوقف عن المسير إذ بلغهم أن قريشا علمت بهم واستعدت لمنعهم وجمعت الجموع لقتالهم وأرسلت قريش رسلها إلى محمد صلى الله عليه وسلم تسأله عن مقصده وأخبرهم أنه ما جاء لفتح أو لحرب وإنما جاء مقلدا الهدي محرما معتمرا لكنهم أصروا على منعه فأرسل إليهم عثمان بن عفان لعله يشرح لهم ويقنعهم وله فيهم حسب ونسب فحجزوه وأشيع بين المسلمين أنهم قتلوه فاستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه فأشاروا عليه بقتال قريش وطلبوا منه أن يمد يده ليبايعوه على الموت في سبيل الله وتحت شجرة بايعوه سميت شجرة الرضوان لما نزل بشأنها من قوله تعالى {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة}

وتحركت الرسل بين الفريقين ودارت مفاوضات وطال الوقت حتى نفد الماء إن بئرا واحدة قليلة الماء لا تكفي أربعمائة وألفا ودوابهم لقد نزحوها نزحا حتى لم يبق فيها حفنة من الماء والقوم ورواحلهم عطاش ذهبوا يشكون ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس على حافة البئر ثم قال هل من ماء في زاد أحدكم فجيء له بقليل من ماء كان في مزودة منزوحا من البئر فتوضأ منه ومضمض ودعا ثم قذف الماء في البئر وقال دعوها ساعة

تركوها ساعة وإذا بمناديهم ينادي الماء الماء ذهبوا فإذا البئر ملأى فشربوا وسقوا أبلهم وملأوا مزاودهم وظلوا يشربون منها حتى تم الصلح صلح الحديبية فتركوها ورجعوا وانصرفوا وأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم في طريق عودته إلى المدينة سورة الفتح {إنا فتحنا لك فتحا مبينا}

طور بواسطة نورين ميديا © 2015