للقبل ثلاثة أحجار، وللدبر ثلاثة أحجار، إذا حصل الإنقاء بها، فإن لم يحصل الإنقاء بها وجب رابع، فإن حصل الإنقاء به استحب خامس للإيتار به, وهكذا يجب الإنقاء مهما زاد، ويستحب الإيتار.
وذهب المالكية والحنفية إلى أن الشرط الإنقاء فقط ولو حصل بحجر واحد ومسحة واحدة، وقالوا: إن أحاديث الثلاثة محمولة على الندب مبالغة في الإنقاء.
وهل تقوم الخرق والورق المتشرب مقام الأحجار؟ التحقيق نعم، لأن المعنى فيه أن يكون مزيلا مانعا من الانتشار، ولهذا قال الشافعية: والذي يقوم مقام الحجر كل جامد [فلا يصلح الرطب] طاهر، مزيل للعين، [فلا يصلح الزجاج] ليس له حرمة كحيطان المساجد، وأوراق كتب العلم، ولا هو جزء من حيوان، وزاد بعضهم أن لا يكون نفيسا، فلا يصلح بالذهب والفضة واللآلي. **
هذا وقد قال النووي: الذي عليه الجماهير من السلف والخلف وأجمع عليه أهل الفتوى من أئمة الأمصار أن الأفضل أن يجمع بين الماء والحجر فيستعمل الحجر أولا، لتخف النجاسة، وتقل مباشرتها باليد، ثم يستعمل الماء، فإن أراد الاقتصار على أحدهما مع وجود الآخر جاز، والماء حينئذ أفضل من الحجر، لأن الماء يطهر المحل طهارة حقيقية، وأما الحجر فلا يطهره، وإنما يخفف النجاسة، ويبيح الصلاة مع النجاسة المعفو عنها.
المسألة الثالثة: غسل اليدين قبل إدخالهما إناء السائل، إن قام من النوم. ومذهب الجمهور من الفقهاء والمحققين أن غسل اليدين قبل غمسهما لمن قام من النوم، أو شك في نجاستهما مندوب، ويكره تركه، وذهب الإمام أحمد إلى وجوب الغسل عند القيام من نوم الليل دون نوم النهار، والجمهور على أن الماء لا ينجس إذا غمس يده فيه قبل غسلهما، لأن الأصل في اليد والماء الطهارة، فلا ينجس بالشك. والله أعلم.