يليق بمقامها، وأما نوع الطعام فهو المتخذ من التمر واللبن والسمن. وقد يضاف إليه الدقيق أو الفتيت، ويؤخذ من مجموع الروايات أن عائشة تعمدت كسر القصعة غيرة من مرسلتها، فقد ورد عن عائشة قالت: "ما رأيت صانعا طعاما مثل صفية. صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما فبعثت به فأخذتني رعدة فكسرت الإناء" وفي رواية "فجاءت عائشة متزرة بكساء ومعها فهر "حجر" ففلقت القصعة".

وظاهر الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعاتب عائشة على صنعها هذا إما لأنها بادرت فاعتذرت كما جاء في بعض الروايات "فقلت يا رسول الله: ما كفارة ما صنعت"؟ قال: "إناء مثل إناء" وإما لأنه قد عذرها في حالة غيرتها كما جاء في بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم أخذ يجمع الطعام ويقول لأصحابه، "غارت أمكم. غارت أمكم" يكرر هذه العبارة، وإما لأنه فهم أن التي أرسلت الطعام كانت تقصد إساءة عائشة والمظاهرة عليها بإرسالها الطعام إلى بيتها وفي يومها.

بقيت مسألة رد قصعة مكان قصعة، وبه احتج من يقضي في العروض بالأمثال، وهو المشهور عن مذهب أبي حنيفة والشافعي ورواية عن مالك، فيقولون: إن من استهلك عروضا فعليه مثل ما استهلك، ولا يقضي بالقيمة إلا عند عدم المثل، وأجاب من يقضي بالقيمة في العروض عن الحديث بجوابين.

أولهما: أن القصعتين كانتا للنبي صلى الله عليه وسلم في بيت زوجتيه، فنقل من ملكه إلى ملكه، لا على وجه الغرامة والحكم على الخصم، بل على سبيل تطييب قلب مرسلتها.

ثانيهما: أن أخذ القصعة السليمة من بيت الكاسرة كان عقوبة، والعقوبة بالأموال مشروعة، وفي الحديث حسن خلقه صلى الله عليه وسلم وإنصافه وحلمه والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015