وينشأ عن هذا سؤالان:
الأول: من المقصودون من آل محمد صلى الله عليه وسلم؟ الثاني: ما المراد من الصدقة وما حكم أكله منها؟
فعن السؤال الأول قال الشافعي: المراد هنا بنو هاشم وبنو المطلب أشركهم النبي صلى الله عليه وسلم في سهم ذوي القربى، ولم يعط أحدا من قبائل قريش غيرهم من هذا السهم, وتلك العطية عوض عوضوه بدلا عما حرموه من الصدقة. وعن أبي حنيفة ومالك. هم بنو هاشم فقط، وعن أحمد في بني المطلب روايتان.
وعن السؤال الثاني نقل الخطابي الإجماع على أنه كان يحرم على النبي صلى الله عليه وسلم صدقة الفرض والتطوع جميعا. لكن حكى غير واحد من الشافعية في التطوع قولان، ولأحمد قول كذلك، ولفظه: لا يحل للنبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته صدقة الفطر وزكاة الأموال. والصدقة يصرفها الرجل على محتاج يريد بها وجه الله، فأما غير ذلك فلا. أليس يقال: كل معروف صدقة. قال الماوردي: يحرم عليه كل ما كان من الأموال متقوما، وقال غيره: لا تحرم عليه الصدقة العامة، كمياه الآبار وكالمساجد.
واختلف: هل كان تحريم الصدقة من خصائصه صلى الله عليه وسلم دون الأنبياء؟ أو كلهم في ذلك سواء؟ قولان. قال ابن قدامة. لا نعلم خلافا في أن بني هاشم لا تحل لهم الصدقة المفروضة. كذا قال، لكن خلافا حكى، فقد نقل الطبري عن أبي حنيفة أنه يجوز لهم أخذ الصدقة إذا حرموا من سهم ذوي القربى، وهو وجه للشافعية، وحكي عن أبي يوسف أنه يحل من البعض منهم للبعض، لا من غيرهم، وعند المالكية في ذلك أربعة أقوال: الجواز، والمنع، والجواز في صدقة التطوع دون الفرض، والجواز في الفرض دون صدقة التطوع.
قال الحافظ ابن حجر: وأدلة المنع ظاهرة من حديث الباب ومن غيره، ولم أر لمن أجاز مطلقا دليلا.