فأخذ أحدهما تمرة فجعلها في فيه فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجها من فيه فقال: "أما علمت أن آل محمد صلى الله عليه وسلم لا يأكلون الصدقة".
-[المعنى العام]-
لما كانت يد المتصدق هي العليا، وكانت اليد الآخذة هي السفلى حرم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى ذرية بني هاشم أن يأخذوا الصدقات، وحرم عليهم أن يأكلوا منها ولهذا كان صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيتا من بيوته فوجد طعاما أو شرابا سأل من أين؟ فيقال: من بني فلان، فيقول: بأي صفة جاء؟ فإن قيل: صدقة لم يمد يده فيه، وأرسله إلى أهل الصفة أو دعاهم إليه، وإن قيل: هدية أكل أو شرب منه وأرسل إلى أهل الصفة يشاركونه فيه غالبا.
وكان المسلمون في موسم قطع ثمار النخيل يرسلون زكاتهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسجد، فينقلها إلى بيت المال، أو يوزعها في الحال، فتجمع عنده في المسجد يوما كومة كبيرة من التمر. وكان يصحب معه كثيرا أولاد بنتيه فاطمة وزينب، وصادف أن كان معه في هذه الحادثة الحسن والحسين -رضي الله عنهما -والحسين طفل، والحسن طفل أكبر منه، أخذا يلعبان في كومة التمر وعليها، والرسول صلى الله عليه وسلم مشغول عنهما، وبينما هم بالقيام حمل الحسن على كتفه صلى الله عليه وسلم، فسأل لعاب الحسن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع رأسه إلى الطفل فإذا به يلوك تمرة في فمه، فأدخل صلى الله عليه وسلم أصبعه في شدق الحسن وأخرج التمرة وهو يقول له: كخ كخ, ارم ارم, إنا لا نأكل صدقة. إنا لا تحل لنا الصدقة. إن الصدقة لا تحل لأهل محمد. صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
-[المباحث العربية]-
(كان .... يؤتى بالتمر) "يؤتى" بالبناء للمجهول، أي يأتيه به أصحاب النخل بأنفسهم أو بعمالهم بصفة زكاة.