فليكثر" وعند الطبري "لا يزال العبد يسأل وهو غني حتى يخلق وجهه -أي يبلى -فلا يكون له عند الله وجه".

ملحوظة: يمكن أن يدخل في هذا النوع كثير من حاشية السلطان الذين يستكثرون عن طريقه من مال المسلمين دون عمل أو جهد يقابل ما حصلوا عليه وللمسألة تتمة تأتي في الحديث الآتي.

2 - كما يؤخذ من الحديث الحض على التكسب والسعي على الرزق من أي طريق مشروع، وإنما خص الاحتطاب بالذكر لتيسره وسهولته على عامة الناس في بيئة المخاطبين بالحديث، وله أشباه في البساطة وعدم الحاجة إلى رأس مال في كل بيئة، فذكره كمثل فقط، فلا يستدل بالحديث على شرف مهنة الاحتطاب، كما فهم البعض، إذ غاية ما في الحديث تفضيل الاحتطاب على السؤال، وليس فيه تفضيل الاحتطاب على بقية وسائل المكاسب.

وقد تكلم الفقهاء في تفضيل بعض الحرف على بعض، فقال الماوردي: أصول المكاسب الزراعة والتجارة والصناعة، قال: ومذهب الشافعي أن التجارة أطيب، ثم قال: والأشبه عندي أن الزراعة أطيب، لأنها أقرب إلى التوكل. انتهى. ويمكن أن يضاف لما قال: أنها أنفع للآدمي وغيره، ولأنه لا بد في العادة أن يأكل من الزرع إنسان وحيوان وطير بغير عوض، فيحصل الزارع على أجر وإن لم يشعر.

والذي نميل إليه أن الحرف لا تفاضل بينها لذاتها، وإنما تفضل الواحدة الأخرى بمقدار ما يحصل عليه صاحبها من أجر، حتى الذي يقوم بتدريس التفسير والحديث قد لا يفضل غيره إذا داخله عجب أو رياء أو نحو ذلك.

3 - حرص الإسلام على القوة المادية، وبناء الدنيا، بقدر حرصه على الطاعات والعمل للآخرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015