فقال بعضهم: إن الفقير هو من لا يملك خمسين درهما أو قيمتها من الذهب، واستندوا إلى حديث ضعيف رواه الترمذي من حديث ابن مسعود مرفوعا "من سأل الناس وله ما يغنيه جاء يوم القيامة ومسألته في وجهه خموش. قيل: يا رسول الله. وما يغنيه؟ قال: خمسون درهما أو قيمتها من الذهب".
وقال بعضهم: إن الفقير هو من لا يملك قوت يومه، واستندوا إلى حديث رواه أبو داود وصححه ابن حبان عن سهل بن الحنظلية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من النار. فقالوا: يا رسول الله. وما يغنيه؟ قال قدر ما يغذيه ويعشيه".
وقال أبو حنيفة: إن الغني من ملك نصابا.
وقال الشافعي: قد يكون الرجل غنيا بالدرهم مع الكسب، ولا يغنيه الألف مع ضعفه في نفسه وكثرة عياله.
النوع الثاني: مسألة الفقير المحتاج القادر على الكسب، وهي المقصودة من الحديث، والأصح عند الشافعية أن سؤال من هذا حاله حرام. وينظر فيمن يعطيه. هل يكون معينا ومساعدا على الحرام؟ أميل إلى هذا إذا تأكد من حاله. وإنما قبح الشارع السؤال، سواء أعطى المسئول السائل أم منعه لما يدخل على السائل من ذل السؤال، وعظم المنة إذا أعطي، ومن ذل السؤال والخيبة والحرمان إذا لم يعط، ولما يدخل على المسئول من الضيق في ماله إذا أعطى، ومن الحرج إذا لم يعط.
النوع الثالث: من يسأل ليجمع الكثير من غير احتياج إليه، وهذا النوع حرام باتفاق، وورد فيه وعيد شديد، ففي البخاري "ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة" أي قطعة لحم، وفي مسلم "من سأل الناس تكثرا فإنما يسأل جمرا" وعند الترمذي "ومن سأل الناس ليثري ماله كان خموشا في وجهه يوم القيامة، فمن شاء فليقل، ومن شاء