يعتد بها، كما قال الحافظ ابن حجر، لأن جميع ذلك من المتشابهات مشترك في الآدمي لا يختص بالمسلم.

(فحدثوني ما هي؟ ) الفاء في جواب شرط مقدر، أي إذا عرفتموها فحدثوني، وجملة "ما هي" خبر ومبتدأ سدت مسد مفعولي "حدث".

(فوقع الناس في شجر البوادي) أي ذهبت أفكارهم في أشجار البادية فجعل كل منهم يفسرها بنوع من الأنواع وذهلوا عن النخلة. يقال: وقع الطائر على الشجرة إذا نزل عليها.

(ووقع في نفسي أنها النخلة) في رواية "فظننت أنها النخلة من أجل الجمار الذي أتى به".

(فاستحييت) في رواية "فأردت أن أقول هي النخلة فإذا أنا أصغر القوم" وفي أخرى "فإذا أنا عاشر عشرة أنا أحدثهم" وفي رواية "ورأيت أبا بكر وعمر لا يتكلمان فكرهت أن أتكلم".

-[فقه الحديث]-

ذكر البخاري هذا الحديث في باب الحياء في العلم، قال الحافظ ابن حجر: فيه استحباب الحياء ما لم يؤد إلى تفويت مصلحة، ولهذا تمنى عمر أن يكون ابنه لم يسكت. اهـ. وفي هذا الكلام نظر، إذ كيف يتمنى عمر أن يكون ابنه قد ترك المستحب. والحياء في العلم مذموم، وليس مستحبا لكن عدمه هنا تعارض مع توقير الكبير، فرفع الذم ولم يأخذ حكم الاستحباب وتمنى عمر أن لو قالها إنما كان من قبيل ما طبع الإنسان عليه من حبه الخير لنفسه ولولده، ولتظهر فضيلة الولد في الفهم من صغره، وليزداد من النبي صلى الله عليه وسلم حظوة، ولعله كان يرجو أن يدعو له إذ ذاك بالزيادة في الفهم.

وذكره البخاري في باب الفهم في العلم كدليل على أن العلم مواهب، وأن العالم الكبير قد يخفى عليه بعض ما يدركه من هو دونه، والله يؤتي فضله من يشاء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015