الجزع فأجابه صلى الله عليه وسلم بأن الحالة التي شاهدتها يا ابن عوف هي
(رحمة) وناشئة عن رقة القلب على الولد لا ما توهمت من الجزع ومن لا يرحم لا يرحم إنما أنهى الناس عن النياحة وأن يندب الرجل بما ليس فيه
(ثم أتبعها بأخرى) قيل أراد به أنه أتبع الدمعة الأولى بدمعة أخرى وقيل أتبع الكلمة الأولى المجملة وهي قوله "إنها رحمة" بكلمة أخرى مفصلة وهي قوله "إن العين تدمع ... "
(وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون) في بعض النسخ "بفراقك" أي بسبب فراقك ولأجله لمحزونون وجاء بصيغة المفعول ليشير إلى أن الحزن ليس من فعلنا ولا بإرادتنا
(فائدة) قال ابن المنير: أسند صلى الله عليه وسلم الدمع للعين فقال "العين تدمع" وأسند الحزن للقلب فقال "والقلب يحزن" ولم يسند النطق لجارحة اللسان فنسب الفعلين الأولين للجوارح التي تقوم بهما تنبيها على أن هذا لا يدخل تحت قدرة العبد ولا يكلف الانكفاف عنه وكأن الجارحة اندفعت فصارت هي الفاعلة لا هو والفرق بين دمع العين ونطق اللسان حيث نسب القول إلى نفسه ولم ينسبه إلى اللسان هو أن النطق يملك بخلاف الدمع فهو للعين كالنظر ألا ترى أن العين إذا كانت مفتوحة نظرت شاء صاحبها أو أبى فالفعل لها ولا كذلك نطق اللسان فإنه لصاحب اللسان اهـ وهو كلام جيد
-[فقه الحديث]-
موضوع الحديث البكاء عند الميت أو البكاء على الميت ولما كان البكاء يطلق على تساقط الدمع بدون صوت وعليه مع الصوت والشهيق والزفير والنحيب والتأوه ونحو ذلك من آثار الحزن الخالية عن الجزع والأسف وعليه مع الجزع وضعف التسليم بالقضاء وعلى كل ما سبق مضافا إليه النياحة والندبة وما يسخط الرب لما كان الأمر كذلك كان لا بد