(فقال إنما الصبر عند الصدمة الأولى) هذا من الأسلوب الحكيم إذ ترك الرد على كلامها وآثر غيره أهم منه أي دعي الاعتذار فإني لا أغضب لنفسي واهتمي بالموضوع الأهم وهو ما ينبغي لك من صبر وقد روي أنها قالت "أنا أصبر أنا أصبر" فقال لها ليس الصبر الكامل المطلوب ما يقع بعد وقت من المصيبة بزمن إنما ما يقع عند ابتداء المصيبة وابتداء الصدمة وأصل الصدم ضرب الشيء الصلب بمثله فاستعير للمصيبة الواردة على القلب

-[فقه الحديث]-

روى البخاري هذا الحديث تحت باب زيارة القبور قال النووي اتفقوا على أن زيارة القبور للرجال جائزة اهـ وقد أخرج مسلم في صحيحه حديث "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها" وزاد أبو داود والنسائي "فإنها تذكر الآخرة" وللحاكم "وترق القلب وتدمع العين فلا تقولوا هجرا" أي كلاما فاحشا وللحاكم أيضا "فإنها تزهد في الدنيا" واختلف في النساء فقيل دخلن في عموم الإذن إذا أمنت الفتنة والحديث يؤيد هذا القول لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينكر على المرأة جلوسها عند القبر وتقريره حجة وقد روى الحاكم عن أبي مليكة أنه رأى عائشة - رضي الله عنها -تزور قبر أخيها عبد الرحمن فقيل لها: أليس قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ قالت: نعم كان نهى ثم أمر بزيارتها وقيل: إن الإذن خاص بالرجال ولا يجوز للنساء زيارة القبور واستدل له بحديث أم عطية عند البخاري "نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا" أي ولم يؤكد علينا في المنع كما أكد علينا في غيره من المنهيات قال القرطبي ظاهر سياق أم عطية أن النهي نهي تنزيه وبه قال جمهور أهل العلم ومال مالك إلى الجواز وهو قول أهل المدينة وقال المحب الطبري يحتمل أن يكون المراد بقولها "ولم يعزم علينا" أي كما عزم على الرجال بترغيبهم في اتباع الجنائز بحصول القراريط ونحو ذلك واستدل كذلك لمنع النساء بحديث الترمذي "لعن الله زوارات القبور" قال القرطبي هذا اللعن إنما هو للمكثرات من الزيارة اهـ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015